اول نيسان ، عيد الكذب ، و الكذب ماح الرجال ، و فوق ذلك فنٌّ رفيع يتطلب من صاحبه حساسية مرهفة تجعله يتبين اتجاه الريح قبل هبوبها ،و يترسم "المصلحة" كيفما مالت ، و يتطلب ايضا موهبة نادرة في التمثيل . و لكن لا ادري لماذا جعلنا للكذب عيدا ما دامت ايمنا كلها كذبا بكذب ، و ما دام الكذب يكاد يكون هو القاعدة و الصدق هو الاستثناء .
و لو كنا منصفين و منطقيين مع انفسنا لجعلنا للصدق عيدا و ليس للكذب الذي غدا عادة متاْصلة في الناس ، و هم ليسو في حاجة الى اول نيسان ليمارسوها ، فكل يوم عندهم اول نيسان . و هناك اناس يعيشون على الكذب ، يكذبون حتى على منطق الارقام و الحقائق الرياضية التي لا تقبل الجدل ، ارضاء لنزواتهم المنحرفة . و يقال ان هذه العادة ، عادة الكذب في اول نيسان ، انتقلت من الغرب الى الشرق على اساس انها اكاذيب بيضاء لا يقصد بها الكذب لذاته ، و لا تضر احدا ، لاْن الكذب الضار من الكبائر التي توعد الله مرتكبها باْشد العوقوبات ، و لا يجوز ارتكابها الا في ثلاثة حالات ، كما يقول الفقهاء :
1- الكذب على الزوجة اذا ارهقت زوجها بمطالب ينوء بها دخل البيت و موازنته
2- الكذب على الطفل الذي يطلب المستحيل
3- الكذب في الحروب لانقاذ الابرياء .
و يبدو ان معظم الناس الذين يمارسون الكذب الابيض يعمدون الى اختلاق خبر يضللون به واحدا او اكثر من الناس ، جاعلين من الكذب فنا من الفنون و مهنة حرة قائمة بذاتها يمارسونها ببراعة ؛ لذلك نقترح عليهم تاْليف نقابة للكذبين لضبط اوضاعهم ، و المحافظة على حقوقهم .
بصراحة ، ان اول نيسان مظلوم و برىء . فقد تواطاْ الكذابون و المفترون و المغالطزن في جميع انحاء العالم ، و عبر عصور التاريخ ، على ان يظلموا اول نيسان ، و ان يصموه وحده بالكذب ..